النبش في الماضي المشبوه

هذه وجهة نظر شخصية، قد تكون صائبة و قد لا تكون كذلك، و لكن ادلي بها في هذا الفضاء الأزرق بمناسبة الحديث هذه الأيام في بعض مواقع التواصل الاجتماعي عن موضوع النبش في الماضي و الذي جعل منه البعض فرصة لنعت الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب بأوصاف لا تستحقها رائدة مشروع تحرر الشعب الصحراوي من الاستعمار و الجهل و التخلف.

لا شيء يبرر التعذيب الصوري ولا الظلم او الغدر او القتل و لا اود هنا تبرير بعض التصرفات الطائشة لثلة من الانتهازيين كانت و ربما لا زالت تعمل مع العدو المغربي ضد تطلعات الشعب الصحراوي في الحرية و العيش الكريم و لكن اود ان اشير الى أنه لا توجد أي ثورة في تاريخ البشرية نجحت او لم يكتب لها النجاح بدون اخطاء. في ما يخصنا نحن الصحراويين، لا مجال للمقارنة ما بين زمن الحرب، الذي من المفترض أن تم خلاله ارتكاب بعض الاخطاء، و ما نحن نعيشه الآن.

على الأقل في زمن الحرب لم تكون الخيانة وجهة ولا القبلية مصدر فخر. كان الالتزام من سمات المناضلين و التضحية و الإخلاص هما راتب و محفز اللاجئين. الحرب القذرة و محاولات الإبادة الجماعية لا تخفي على أي صحراوي و الضحايا بالآلاف. كم من طفل راح ضحية ‘اللقاحات الفاسدة’ وكم من عائلة فقدت قطعة القماش التي كانت تأويها او نامت في رعب و هي تنتظر دورها في التفحم على ايادي غادرة باعت عرضها و ضميرها من أجل دراهم معدودة؟ إنهم مثالين من مئات او آلاف الأمثلة.

لا مجال للمقارنة بين زمن كانت السرامة و الحزم في تنفيذ الأوامر هما الرادع الأول لكل من تسول له نفسه الخروج عن خط الجبهة الشعبية و ما بالك بالمس من سلامة وطمأنينة اللاجئين. نعم، تم ارتكاب الاخطاء، و لكن أيضا تم تحقيق المكاسب و بناء المؤسسات وخلق الهيبة اللازمة للساهرين على امن و تطلعات الشعب. الم تعترف الجبهة نفسها بتلك الاخطاء؟ لماذا التذكير بها الآن و النبش في الماضي؟ ألم تكون جرائم الاحتلال اكثر فظاعة و هي مستمرة حتى الان؟ الدول لا يمكن بناءها بالعاطفية والاتكالية وحسن النوايا.

اذا فقدت الدولة هيبتها فسيتم ملأ الفراغ بالفوضى او منطق الغابة او اي سلطة أخرى لن تكون ابدا في مستوى دولة القانون و الحق. النبش في الماضي و محاولة حصر فترة زمنية حاسمة من كفاح الشعب الصحراوي في ملف من الاخطاء البسيطة، مقارنة بالمكاسب و التضحات، لن يفيد شيء و سيجعلنا فقط نراوح نفس الدوامة. لا بد من النظر إلى المستقبل و تحديد الأولويات و ترك لكل حادث حديث.

ازروك اللولة

Soyez le premier à commenter

Laisser un commentaire

Votre adresse de messagerie ne sera pas publiée.


*