السودان والجزائر… السابقون واللاحقون

البشير محمد لحسن

بدأ الحراك الشعبي في كلٍ من الجزائر والسودان في وقتٍ متقارب، لكن أسبابهما مختلفة ومتباينة. في كلا البلدين تم خلع رأس النظام الحاكم دون أن تتحقق مطالب الشعب.

بعد ازاحة هرم السلطة، وجدت المؤسسة العسكرية في الخرطوم والجزائر نفسها سيدة المشهد السياسي.

وإذا كان الجيش في الجزائر يحكتر امتلاك السلاح، فإنه ليس كذلك في السودان أين تمتلك عشرات الحركات المسلحة والمتمردة عناصر مقاتلة مدججة بالسلاح. أما المعارضة السودانية الممثلة في قوى الحرية والتغيير فقد كانت لسان حال الشعب والناطق بإسمه، بينما افتقرت الجزائر إلى دور المعارضة التي لفظها الشعب منذ الدقيقة الأولى وصنّفها في نفس خانة السلطة، لذلك وجد الجيش نفسه وحيداً يتسيد المرحلة الانتقالية ما صعّب من عملية إيجاد شركاء سياسيين يمكن الوصول معهم إلى حل للأزمة.

تشكيل المجلس السيادي في السودان هو خطوة مهمة لكنه يظل مجرد تقدّمٍ رمزي ما لم ينجح في الوصول بالبلاد إلى برّ الأمان الديمقراطي ضمن دولة مدنية يحتل فيها العسكر مكانته الطبيعية في الثكنات بعيداً عن السياسة.

وكان العامل الاقليمي حاسماً في السودان بوجود وساطات حثيثة خاصة الإثيوبية والإفريقية التي ساهمت، بالضغط على الأطراف، في التعجيل بالتوقيع على اتفاق اليوم. هذا العامل مفقود في الجزائر نظراً لمكانتها الإقليمية والدولية.

أما الآن وبعد أن دخل الحراك مرحلة الفتور والرتابة وانحسر بالعاصمة تقريباً، بدأت الهيئة الوطنية للحوار والوساطة مشاوراتها لتقريب وجهات النظر بين مختلف الفرقاء وهي مهمة صعبة لكنها ضرورية لتجاوز المرحلة الانتقالية التي طالت كثيراً.

Soyez le premier à commenter

Laisser un commentaire

Votre adresse de messagerie ne sera pas publiée.


*