كيف راقب الحسن الثاني ولي عهده من وراء الزجاج؟

ذهب البعض، في وصف نوع العلاقة التي كانت بين الحسن الثاني وابنه الملك الحالي محمد السادس، إلى القول إن لقاءاتهما رأسا لرأس، كانت قليلة جدا، وإن الأب لم يكن يشرك ولي عهده في شؤون الحكم، مُعتبرين ذلك نوعا من الحذر من طرف الملك الراحل، في حين رأى آخرون ذلك، نابعا من رغبة أب في حماية ابنه، تأتي في هذا الصدد واقعة معروفة حدثت في بحر سنة 1996، حيث منح الحسن الثاني على حين غرة لولي عهده، مهمة إجراء مفاوضات، مع وفد من قيادة جبهة البوليساريو، وذلك رغبة في وضع حل لنزاع الصحراء،

وتبين، حسب البعض، أن الأمر لم يكن سوى عملية إخراج مُتقنة، مُعدة سلفا، ذلك أنه منذ اليوم الأول، لبداية المفاوضات، في قصر الصخيرات، فهم الوفد الصحراوي المُفاوض، أنه خلف الأسوار الزجاجية الغامقة، للغرفة التي شهدت اللقاءات، كانت هناك كاميرات منصوبة، تصور ما يجري، وبالتالي كان الحسن الثاني، يتابع ويستمع، أولا بأول، لأطوار اللقاء، وتأكد ذلك، بالنظر إلى أن ولي عهد الحسن الثاني، لم يكن يتوفر على أي هامش للفعل، حيث عمد بلباقة إلى الاعتراف، خلال اللقاء، أنه لا يتوفر على ترخيص لمناقشة موضوع استقلال الصحراء، وذلك بعدما ألح الوفد الصحراوي، على التفصيل في هذه النقطة، حيث قال لهم، ابن الحسن الثاني وولي عهده، حينها: « يُمكنني أن أتكلم في كل ما يتعلق بالموضوع، باستثناء فكرة الاستقلال، التي لا يمكنكم التحدث بشأنها، سوى مع والدي وحده ».

ثمة واقعة أخرى، من نفس العيار تقريبا، كانت قد حدثت بين أحد قادة حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، الذي أصبح بعد ذلك ببضع سنوات قليلة، واحدا من وزراء حكومة عبد الرحمان اليوسفي، وولي العهد آنذاك، وبالتحديد حينما كان الاتحاديون، يُناقشون مع الحسن الثاني، ظروف تسلمهم لحكومة التناوب، فقد حدث أن القيادي الاتحادي المعني، حاول التحدث مع ولي العهد، على انفراد، ليُخطره بتفاصيل المفاوضات مع أبيه، وحينما علم الحسن الثاني، بذلك تملكه الغضب، وبعث إلى القيادي المذكور، مَن يقول له هذه العبارة الباترة:  » لا تحشر ولي العهد في هذه القضية ».

تأكدت مسألة المُراقبة اللصيقة، التي كان الحسن الثاني يُخصصها لولي عهده، حينما تبين أنه سبق أن كلف وزيره القوي في الداخلية « إدريس البصري » بإنجاز تقرير أمني عن تحركاته، وذلك بعدما كان رجل الشاوية القوي، في النظام آنذاك، قد عمد إلى إبلاغ الحسن الثاني، أن ابنه التقى على انفراد بأحد قياديي اليسار، وحينها طفق إدريس البصري، في بث العيون، في أثر حركات وسكنات، ولي عهد الحسن الثاني، وينجز بصددها تقارير ضافية، يرفعها إلى الحسن الثاني، فحصلت بذلك، تلك العداوة المُبطنة، بين محمد السادس وإدريس البصري، وهو ما يُفسر القرار الذي اتخذه الملك محمد السادس، بالتخلي عنه، بمجرد توليه شؤون الحكم، بل والتعامل معه بجفاء، أرغم « البصري » على اختيار الإقامة في فرنسا، في حالة منفى اضطراري إلى غاية وفاته.

Soyez le premier à commenter

Laisser un commentaire

Votre adresse de messagerie ne sera pas publiée.


*