رسالتي إلى الشباب الحالم بمغرب اخر. مغرب اخر (ممكن جدا) إذا تضافرت جهودنا جميعا.
تحدثت مع مجموعة GenZ212 قبل أيام في لقاء شيق دام ساعتين.
طرح علي المشاركون في المجموعة عددا من الأسئلة حول تجربتي الشخصية، كصحفي، كناشط من أجل العدالة الاجتماعية، وأيضا كشخص استهدفه القمع والاستبداد في مرات عديدة.
لم تكن نيتي الأولى من خلال مشاركتي في هذا اللقاء أن ألقي محاضرة، أو أن أعطي دروسا في النضال لجيل جديد يريد أن يمارس السياسة بشكل مختلف، وذلك من خلال الفعل الاحتجاجي لفرض الاستجابة لمطالبه في ما يخص الصحة والتعليم.
جئت لهذه الندوة لأشارك تجربتي الشخصية فقط.
انطباعي الأول كان فرحة عارمة، لأنه في عز الجزر الذي تعيشه البلاد، في أوج ثقافة « اديها فراسك »، ظهر مواطنون ومواطنات لا يفكرون في حاضرهم كأفراد أنانيين يحاولون أن يخرجوا أنفسهم من سياق السباق الفرداني نحو التسلق الاجتماعي والمصالح الشخصية. أفراد لا يتحدثون عن ديبلوماتهم وما تتيح لهم من إمكانيات مستقبلية، لا يبحثون عن أقرب طريقة للهجرة للخارج بحثا عن وضع مادي ورمزي أفضل، بل أشخاص وضعوا نصب أعينهم حالة المستشفيات المتردية، ومستوى التعليم العمومي الذي لا يستجيب لأدنى شروط كرامة الأطفال والمراهقين من أبناء شعبنا.
ما حركهم؟ نساء لجأن إلى المستشفى، فلقين حتفهن بسبب النقص الحاد الذي تعرفه المستشفيات في الأدوية واليد العاملة. هذا المستوى من الإهمال، الذي راحت ضحيته مواطناتنا لا يمكن إلا أن يحرك الشعور بالحكرة التي نخضعه لها يوميا من طرف مؤسسات الدولة والخدمات الاجتماعية التي من المفترض فيها أن تحمي المواطن-ة، وأن تضمن له ولأطفاله حاضرا ومستقبلا أفضل.
أن يقع هذا الأمر المشين في مغرب 2025، المغرب الذي يضخ أموالا هائلة و مبالغ غير مسبوقة، لا في أي قطاع اجتماعي، بل لاحتضان منافسة رياضية ستدوم شهرا، هو أمر صادم للجميع. وللشباب الذين أشاروا للمفارقة الشرف في جعل هذه المقارنة عنوانا لاحتجاجهم. الحياة أم « الماركتينغ الديبلوماسي »؟ رفيقاتنا ورفاقنا اختاروا الحياة، بينما من اختاروا موتهم فضلوا أن يتهموهم باللاوطنية والانفصال وتهديد الاستقرار إلى غير ذلك من التهم الجاهزة التي لا تأتي إلا من المستفيدين، سياسيا أو اقتصاديا، من وضع اللا عداللة الذي نعيشه.
أحيي عاليا كل من شا ركت وشارك في النقاش من أجل النضال بهدف وضع النقط على الحروف.
رسالتي هي كالتالي :
– كل من يتهمونكم بالانفصال ليس هدفهم النقاش أو تبادل الأفكار، بل ترويعكم وصدكم عما تفعلون. أكثر حاجة يمكن وصفها بالوطنية حاليا هي انخراطكم من أجل صحة تكفل الكرامة للجميع.
– تاريخنا مليئ بالنضالات، بما فيه تلك التي تكللت بالنجاح في العشرين سنة الماضية. هي مادة غنية لمراكمة التجارب وتفادي أخطاء الماضي.
– ما ضاع حق وراءه طالب : نحن في فترة حرجة، اقتصاديا، حيث قرر من يحكموننا استعمال اخر موارد البلاد في أمور لا تعود بالنفع على شعبنا. حركتكم المطلبية مهمة جدا وستنير الطريق أمام جل المواطنين. ليس هناك فرق بين الشباب والأطفال والكهول.. كلنا ضحايا سياسات لم يستشيرونا في سنها.
كيفما كانت نتيجة هذا التحرك الاجتماعي، وكيفما كانت مكوناته، أشد على أيدي الجميع، وأعبر عن انخراطي التام معهم ومعهن، في الانتصار وحتى الفشل. مطالب شعبنا مشروعة، وهي أضعف الإيمان.
عمر الراضي
26 شتنبر 2025