1) تطورات الأزمة
بعد ثلاث سنوات من اندلاع الأزمة السورية، لاتبدو في الأفق بوادر أمل لوقف نزيف الدم السوري وأصبح الوضع أكثر تعقيدا داخليا وإقليميا ودوليا:
– أصبح النظام أكثر قوة وتماسكا بعد اجتياز مرحلة الحرج واسترجاع المبادرة العسكرية بفضل حلفائه (إيران وحزب الله والعراق وروسيا).
– ساهم دخول مجموعات جهادية متطرفة النزاع إلى تخويف الرأي العام الغربي من سيطرتها على سوريا وتهديد استقرار دول الجوار.
– استطاع النظام بفضل اتفاق تسليم أسلحته الكيميائية تفادي ضربة عسكرية غربية موجعة.
– لا يتوقع في المستقبل المنظور وقف العنف بل يمكن أن يطول أمده وتاثيره.
– ضعف ائتلاف المعارضة:
* لايزال يفتقر إلى استراتيجية سياسية لإلحاق الهزيمة بنظام الأسد.
* رهين التنافس بين السعودية وقطر اللتان ترعى كل منهما محاور متنافسة داخل الائتلاف الوطني .
* لم يستطع إعداد قيادة سياسية وتوجّه استراتيجي ذي مصداقية.
* لم يفلح في بناء هياكل إدارية فعّالة وتكريس حضور مستمرّ في المناطق المحرّرة.
* اعتبر الأمين العام للجامعة العربية في 9 مارس أن الائتلاف لايستطيع أن يشغل مقعد سورية في المنظمة لأنه لم ينشئ مؤسّساته بعد.
– شبح الحكومة المؤقتة: رهينة لسياسة الائتلاف الوطني المختلة والتنافس السعودي-القطري. لاتزال مجرّد هيئة على الورق وتبرز كجبهة جديدة في الصراعات بين المحاور داخل الائتلاف. لم تتمكّن من تطوير قدرات إدارية في المناطق المحرّرة أو دعم المجالس المحلية على نحو فعّال ولم ينتقل وزراؤها وموظفوها بعد من المنفى في تركيا إلى سورية. عوملت وكأنها طفل غير شرعي غير محبوبة وغير مرغوب فيها من جانب الكثيرين في المعارضة السورية ومجموعة أصدقاء سورية.
لم تبرهن على أن لها تأثيراً ملموساً على إدارة وتقديم الخدمات في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة بسبب شحّ الموارد ولم تفعل شيئا يذكر حتى الآن باستثناء تخصيص مبالغ متواضعة للمدن المحاصرة.
عجز المجالس المحلية: يدور الصراع حول الحق في تمثيلها وإدارتها بين عدة جهات. لاتزال تكافح لتأكيد سلطتها على الجماعات المسلحة والهيئات الإدارية والقضائية المنافسة التي تشكلها، بينما تقاوم النقص الحادّ في التمويل والموارد المادية الأخرى والقصف الذي يمارسه النظام بلا هوادة.
* أصبح الائتلاف الوطني والحكومة المؤقتة مجرّد متفرجين على تطوّر الأحداث داخل سورية.
تدمير الاقتصاد والمجتمع والخدمات:
بلغت إجمالي خسائر الاقتصاد السوري إلى غاية منتصف2013 ما يقرب من 103 مليار دولار.
بلغ الحجم الإجمالي للخسارة في الناتج المحلي لغاية الربع الثاني من 2013 نحو 47.9 مليار دولار ليكون معدل النمو في الناتج المحلي سالباً بنسبة 39.6% للربع الثاني ل 2013.
شهدت استثمارات القطاع الخاص تدهوراً هائلاً وصلت إلى 23.3 % في 2013 فيما تراجع الاستثمار العام بنسبة تصل إلى 20 %.
شهدت سوريا تنامياً في الاقتصاد غير المنظم والنشاطات الريعية السريعة الربح، إضافة إلى ظهور اقتصاد العنف الذي سيرخي بظلاله على تنظيم النشاط الاقتصادي والإصلاح ورأس المال الخاص والتنمية في مرحلة ما بعد الأزمة.
استمرار تدفق اللاجئين من سوريا بسرعة هي الأعلى نمواً في العالم فإنهم سيصبحون في نهاية 2013 أكبر مجموعة لاجئة في التاريخ المعاصر.
تراجع عدد سكّان سوريا بحلول النصف الأول من 2013، بأكثر من 8%، بينما غادر 36.9 % من السكان أماكن سكنهم الطبيعي، حيث خرج 1.73 مليون لاجئ. فضل 1.37 مليون سوري الهجرة طوعاً، بينما اضطر 4.8 ملايين مواطن إلى النزوح الداخلي.
بلغ عدد السوريين الذين دخلوا دائرة الفقر نحو 7.9 ملايين، منهم 4.4 ملايين مواطن، أصبحوا تحت خط الفقر، بينما خسر ما يقرب من 2.33 مليون مواطن مصدر رزقهم ووظائفهم، وهو ما أسهم في ارتفاع نسبة البطالة لتصل إلى 48.6%، وتهديد معيشة ما يقرب من 10 ملايين مواطن.
وصل معدل التسرب المدرسي إلى 49% وهو ما يعني أن نصف أطفال المدارس باتوا لا يحصلون على التعليم النظامي.
يشهد القطاع الصحي انهياراً كبيراً بعد أن تراجعت نسبة الأطباء إلى السكّان من طبيب واحد لكل 661 مواطناً في 2010، إلى طبيب واحد لكل 4041 مواطناً بحلول يونيو 2013، وتوقفت نحو 90% من الصناعة الدوائية المحلية عن الإنتاج مما أثر على وجه الخصوص على النساء والأطفال.
ازدادت الوفيات المرتبطة بالنزاع بنسبة 67% في النصف الأول من 2013 لتصل إلى زهاء 100 ألف حالة، كما يقدر أن ما يقرب من 400 ألف شخص تعرضوا للإصابة أو التشويه، أي أن أكثر من 2% من السكان قتلوا أوأصيبوا أوجرحوا.
خلاصة : وصلت الثورة إلى حال من الفوضى العارمة على كل المستويات، بحيث افتقدت المبادرة إلى درجة كبيرة، وأصبح مسارها العام سلسلة من ردود الأفعال السياسية والعسكرية والإعلامية والإغاثية ».
لم تعد الانتفاضة السورية في أوجها ولا يمكنها توليد قوة دفع جديدة ناهيك عن إقامة بنيات معارضة جديدة توافقية. وهذا مايجعلها تعتمد بشكل خطير على الثورة المسلّحة التي تتّجه هي الآخرى أيضاً نحو الانخفاض.
محددات الموقف المغربي
انخرطت المملكة المغربية، منذ اندلاع الأزمة السورية، بشكل إيجابي وفعال في كافة المبادرات العربية والدولية الرامية إلى إيجاد حل سياسي يحقق للشعب السوري الشقيق تطلعاته المشروعة إلى الديمقراطية والكرامة الإنسانية والتغيير المنشود.
– تبنى المغرب موقفا مبدئيا وفق محددات واضحة تتجسد في التأكيد على وحدة سوريا وأمنها وسيادتها الترابية، والسعي إلى الوقف الفوري لكل أشكال العنف، وخصوصا ضد المدنيين، والتجاوب مع تطلعات الشعب السوري إلى الإصلاحات السياسية و التنمية الاقتصادية والاجتماعية واحترام الكرامة الإنسانية.
– دعم جميع الجهود المبذولة لإيجاد حل سياسي توافقي للأزمة عبر الحوار والانفتاح على كل مكونات المجتمع التواقة إلى المساهمة في التأسيس لعملية الانتقال السياسي في سورية.
– احتضن الدورة الرابعة لمجموعة أصدقاء الشعب السوري بمدينة مراكش بتاريخ 12/12/2012 والذي تم فيه الاعتراف بالائتلاف الوطني السوري لقوى الثورة والمعارضة السورية كممثل شرعي للشعب السوري.
– يركز الموقف المغربي على البعد الإنساني من خلال مبادرات تضامنية إنسانية ومساعدات قدمت للاجئين السوريين من خلال الهيآت الاغاثية الدولية أو مباشرة، وعلى رأسها مبادرة صاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله بإقامة مستشفى ميداني متعدد الاختصاصات في الأردن الشقيق بمخيم الزعتري، ليساهم في تخفيف بعض معاناة الشعب السوري الشقيق.
– انسجاما مع الأولوية القصوى التي يوليها جلالة الملك محمد السادس نصره الله للبعد الإنساني للأزمة السورية، أوفت المملكة المغربية بتعهدها الذي التزمت به في المؤتمر الأول للمانحين، الذي عقد بالكويت يوم 30 يناير 2013، وقامت بتحويل مبلغ 4 ملايين دولار أمريكي، كمساهمة إضافية إلى جانب ما سبق أن قدمته من المساعدات المادية و اللوجستية في مختلف مراحل الأزمة.
– شارك في مؤتمر جنيف II و يتطلع إلى أن تكون الجولة الثانية للحوار بين وفدي الحكومة والمعارضة، المزمع إجراؤها بتاريخ 10 فبراير 2014 بداية لعملية تضع إطارا لحل سياسي للازمة السورية بناءً على ما تم الاتفاق عليه في (جنيف – 1)، رغم أن جولات المفاوضات لم تحسم في النقاط الخلافية (تأسيس هيئة حكم انتقالية بصلاحيات تنفيذية واسعة)، بسبب التباين العميق في تأويل كل طرف لوثيقة جنيف 1 حسب مصالحه وأولوياته ومنظوره الخاص.