تقرير حول زيارة السيد الوزير لموسكو يوم 28 يونيو 2013
قام السيد الوزير بزيارة عمل لموسكو، يوم 28 يونيو 2013، حيث التقى بنظيره السيد سيرجي لافروف الذي تباحث معه بشكل معمق حول العلاقات الثنائية المغربية الروسية وأهمية مواصلة الحوار و الاتصالات بين البلدين، كما التقى بالسيد إلياس أوماخانوف، نائب رئيس مجلس الدوما الروسي و أجرى مقابلة مع القناة التلفزيونية الناطقة بالعربية « روسيا اليوم ».
1. سياق الزيارة:
تدخل زيارة السيد الوزير إلى موسكو في إطار المشاورات السياسية المنتظمة بين البلدين والمؤطرة بإعلان الشراكة الاستراتيجية، التي وقعها صاحب الجلالة الملك محمد السادس و الرئيس بوتين في موسكو سنة 2002. كما تأتي هذه الزيارة عقب التي قام بها وزير الخارجية الجزائري، السيد مراد مدلسي إلى موسكو يوم 25 يونيو 2013.
2. اجتماع عمل مع وزير الخارجية الروسي :
لقد تلت المباحثات التي جرت بين رئيسي الدبلوماسية المغربية و الروسية ندوة صحفية مشتركة ثم غذاء عمل أقامه السيد لافروف على شرف السيد الوزير و الوفد المرافق له. لقد تمحور هذا النقاش حول النقاط التالية:
** العلاقات الثنائية:
عبر الوزير الروسي عن ارتياحه لمستوى العلاقات الثنائية وعن تطلعه للرقي بها إلى آفاق أفضل من أجل تطويرها على المستوى السياسي و الاقتصادي و الثقافي.
كما توجه بالشكر إلى السلطات المغربية بصفة عامة على الجهود المبذولة في إطار احتضان مدينة مراكش للمنتدى الحواري السنوي لنادي فالداي، وبصفة خاصة إلى السيد الوزير على الاهتمام الذي حصل عليه سفراء روسيا المعتمدين بمنطقة الساحل و المغرب العربي خلال اجتماعهم بمدينة الرباط في مايو 2013.
طلب السيد لافروف دعم المغرب لروسيا لاستضافة المعرض الدولي » إكسبو 2020 » في حالة انسحاب دولة الإمارات العربية من المنافسة.
و في تعليقه على مستوى التعاون بين روسيا و المغرب، توجه السيد الوزير بالشكر إلى نظيره الروسي على الاهتمام الذي توليه بلاده من أجل تعزيز هذا التعاون، ونوه بوتيرة المشاورات السياسية بين الرباط و موسكو خصوصا في السنوات الأخيرة.
كما أعرب عن سروره لاختيار روسيا للمغرب كبلد عربي إفريقي لاحتضانه التظاهرتين السالف ذكرهما.
1) العلاقات السياسية:
وجه السيد الوزير دعوة لنظيره الروسي للقيام بزيارة للمغرب في غضون هذه السنة، فصرح هذا الأخير بقبول هذه الدعوة خلال الندوة الصحفية المشتركة.
كما سلمه السيد الوزير مذكرة مفادها موافقة السلطات المغربية على تعيين سفير روسيا الجديد بالمملكة المغربية. و في هذا الصدد، عبر المسئول الروسي عن امتنانه وتقديره لسرعة رد فعل السلطات المغربية على الموافقة.
و من جانب آخر، نوه السيد الوزير بالموقف الإيجابي لروسيا في مجلس الأمن بشأن مقترح توسيع مهمة بعثة « المينورسو » في الصحراء لتشمل مهمة حقوق الإنسان.
و في تعليقه على الموقف الروسي، أكد السيد لافروف على تشجيع روسيا و دعمها لعملية التفاوض التي تجري تحت إشراف الأمم المتحدة و خاصة على مستوى مجلس الأمن الدولي، الذي تعد روسيا عضوا دائما فيه.
2) التعاون الإقتصادي:
أكد السيد الوزير أن المغرب يعتبر الشريك التجاري الأول لروسيا على المستويين العربي و الإفريقي (بعد تراجع مصر) و يطمح إلى الرقي بالتعاون الاقتصادي و التجاري بين البلدين إلى مستوى العلاقات السياسية خاصة و ان الآفاق جد واعدة.
و في هذا الصدد، اتفق المسؤولان على برمجة اللجنة المشتركة المغربية الروسية الخامسة بالرباط و ذلك من أجل تقوية هذا التعاون والانفتاح على مجالات أخرى.
فأضاف السيد لافروف أن الجانب الروسي في صدد انتقاء الرئيس المشترك الجديد للجنة المشتركة المغربية الروسية، كما وعد بالعمل على تعيين رئيس مجلس الأعمال الروسي وذلك من أجل تفعيل المجلس الثنائي للأعمال المغربي الروسي.
وفي إطار الاهتمام الذي توليه روسيا لإفريقيا، اقترح السيد الوزيرعلى الجانب الروسي عقد شراكة ثلاثية المغرب- إفريقيا- روسيا وذلك لاعتبار المغرب قاعدة مهمة بحكم موقعه الجغرافي و كذا علاقاته مع دول المنطقة.
كما اتفق الطرفان على عقد شراكة بين الوكالتين للتعاون الدولي المغربية والروسية.
مجال الصيد البحري:
نوه السيد الوزير بنجاح الدورة الأولى للجنة المشتركة للصيد البحري التي انعقدت بكالينيغراد بتاريخ 13 و 15 يونيو 2013.
ومن جهته، أشار السيد لافروف أن الجانب الروسي في صدد إقناع الطرف المغربي برفع حصة الصيد في المياه المغربية إلى 160000 طن بدلا من 100000 طن المرخصة في الاتفاقية.
مجال الطاقة:
اشار السيد الوزير ان المغرب يراهن على خبرة روسيا لتطوير التعاون في مجال الطاقة و المعادن خصوصا ما يتعلق بالتنقيب عن الغاز و النفط.
و في رده على هذا التعليق، ابرز السيد لافروف ان الجانب الروسي لازال ينتظر رد الطرف المغربي على الخمس اقتراحات التي قدمتها الشركة الروسية « غازبروم » منذ سنة 2010.
3) التعاون الثقافي:
دعا المسئول الروسي إلى تشجيع التعاون الثقافي بين البلدين و العمل على تنفيذ البرنامج المسطر ضمن اتفاقية التعاون الثقافي المبرمة بين البلدين بتنظيم الأيام الثقافية المغربية بروسيا سنة 2013، مشيدا بالأيام الثقافية الروسية التي لقت إقبالا كبيرا بالمغرب سنة 2012.
كما نوه بمشروع إنشاء جامعة روسية بالدار البيضاء سنة 2014 و التي من المرتقب ان تشمل عدة اختصاصات كالصيدلة و الطب و الهندسة.
ومن جهته، أشاد المسئول المغربي بعدد الأطر المغربية المتخرجة من روسيا. كما دعا إلى العمل على عقد اتفاقية بين الأكاديميتين الدبلوماسيتين المغربية والروسية واتفاقية مع جامعة MGiMOالتابعة لوزارة الخارجية الروسية ، وذلك لتعلم اللغة الروسية .
وعد السيد لافروف بمراجعة هذا الطلب مع جامعة MGiMOو إمكانية تخصيص منح في هذا الشان.
4) الإطار القانوني:
اتفق الدبلوماسيان المغربي و الروسي على التسريع بتهييئ مشاريع الاتفاقيات التي هي في طور المفاوضات كاتفاقية الملكية الفكرية وإعداد مذكرة التفاهم بين البلدين حول مكافحة الإرهاب، وبتوقيع الاتفاقيات الشبه الجاهزة في أقرب فرصة سانحة سواء خلال الزيارة الرسمية المرتقبة للسيد لافروف إلى بلادنا أو اثناء الدورة الخامسة للجنة المشتركة المغربية الروسية المزمع عقدها بالمغرب. ومن بين أهم الاتفاقيات الجاهزة :
اتفاقية التشجيع و الحماية المتبادلة للاستثمارات (جاهزة لدى الطرفين)
اتفاقية الخدمات الجوية التي تشمل إعفاء الربابنة المغاربة من تأشيرة الدخول إلى روسيا و التي من شانها توسيع الاتصالات بين موسكو و الرباط وكذا توسيع المجال السياحي.
** القضايا الدولية:
1) الاتحاد المغاربي :
ابرز السيد الوزير ان الاجتماعات الوزارية غير كافية لذلك تقرر عقد قمة الاتحاد المغاربي بتونس لكن الجزائر لم تعط أي موعد لحد الساعة .
وأوضح أن استمرار إغلاق الحدود بين المغرب و الجزائريعرقل تنمية هذا الاتحاد، كما ندد بالشروط االثلاث لتي وضعتها الجزائر لإعادة فتح الحدود البرية مع المغرب.
ثم استنكر التصريحات المباشرة الصادرة عن مصادر جزائرية رسمية بخصوص التعاون الفعلي للمغرب من اجل إيقاف تدفق التهريب، و خاصة المخدرات.
و عبر ايضا المسئول المغربي عن أسفه بخصوص « الشرط الثالث » لكون الجزائر نقضت اتفاقية أبرمت على أعلى مستوى، وتم التأكيد عليها في العديد من المناسبات وهي فصل التعاطي مع ملف الصحراء المغربية عن تطور العلاقات الثنائية.
وفي هذا الخصوص، أكد المسئول الروسي على ضرورة التزام البلدين باحترام القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة.
كما اقترح تدخل روسيا بين المغرب و الجزائر وذلك لضمان حوار افضل والتزام الطرفين بالمقاربات المتفق عليها، وأعلن عن استعداد المبعوثين الخاصين للرئيس بوتين للقيام بهذه المهمة.
2) الأزمة السورية:
أكد السيد لافروف ان روسيا تتجه الى « حل يستند إلى القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة الذي يحظر تغيير الأنظمة بالقوة « .
كما صرح لنظيره المغربي أن روسيا قد جمدت مؤقتا إرسال الأسلحة إلى سوريا بشرط ان تتوقف أمريكا عن إرسال نفس الأنظمة للمعارضة السورية عبر الأردن.
معللا بيع بلاده الأسلحة لنظام بشار الأسد بأنها تتعامل مع حكومة شرعية و بأنها تحترم قواعد القانون الدولي.
ومن جهة أخرى ابرز المسئول الروسي أن موسكو ضغطت على دمشق للمشاركة في المؤتمر عبر وزير خارجيتها وليد المعلم، دون شروط مسبقة ودون اعتراض على تشكيلة المعارضة.
وأضاف أن أمريكا يجب أن تلتزم هي الأخرى بوعدها بالعمل على حمل الائتلاف الوطني السوري على تبني موقف بناء و اختيار الأشخاص الذين سيمثلونه، مع المشاركة في الاجتماع مع النظام السوري بدون شروط مسبقة.
و اوضح كذلك ان مشاركة إيران في مؤتمر جنيف 2 تعتبر مسالة مهمة بالنسبة إلى روسيا وذلك لضمان توازن في قائمة المشاركين بالرغم من اختلاف وجهة نظر أمريكا حول هذه النقطة.
وفي معرض تعليقه على الأزمة السورية، أشار السيد الوزير إلى انه يأمل ان تتوصل روسيا و أمريكا إلى اتفاق لإيجاد حل نهائي لهذه الأزمة، مبرزا أن النظام السوري هو الممثل الشرعي لسوريا و ليس الممثل الوحيد.
ثم اشار إلى مواقف المغرب الإنسانية من بينها مبادرة صاحب الجلالة الملك محمد السادس التي تتجلى في إقامة مستشفى ميداني بجوار تل الزعتري في الأردن و الذي يشتغل منذ سنة ويعالج مابين 400 و 500 لاجئ سوري يوميا منذ افتتاحه.
وأضاف ان الأفكار متطابقة بصفة عامة وأن المغرب وروسيا يتقاسمان التوابث العامة لحل الأزمة السورية و المتجلية في ضرورة العمل على الحفاظ على الوحدة السورية وعدم التدخل العسكري الأجنبي ودعم كل حل سياسي يمكن من تحقيق فترة انتقالية لوقف الاقتتال و دعم المبادرة الروسية الأمريكية لعقد مؤتمر جنيف 2 .
3) الأزمة في مالي:
نوه السيد الوزير بقرارات مجلس الأمن بخصوص الأزمة في مالي مبرزا الدور الإيجابي الذي لعبته روسيا داخل مجلس الأمن.
كما أعرب عن انشغاله العميق بالوضع الإنساني و الأمني المتردي الذي تعاني منه الأعداد الكبيرة من النازحين من شمال مالي، وأن الأمن لا زال مهددا بالمنطقة بالرغم من تحسن الوضع.
ثم أضاف السيد الوزير ان تحسن الأوضاع بمالي يرجع إلى اتفاق جميع الأطراف ، الشيء الذي مكنها من استعادة سيطرتها على كامل ترابها و كذا استعدادها لتنظيم انتخابات برلمانية ورئاسية.
كما دعا إلى فتح حوار يشارك فيه كافة شعب مالي بغية تحقيق الأمن والاستقرار ومواجهة التحديات التي تطرحها هذه المرحلة الصعبة من تاريخ مالي.
ودعا كذلك إلى دعم قرارات مجلس الأمن والدور الفعال الذي يلعبه Quartet في استقرار مالي بصفة خاصة ومنطقة الساحل بصفة عامة.
أما على المستوى الإنساني، أبرز السيد الوزير أن المغرب قام بإرسال العديد من المساعدات الإنسانية لفائدة اللاجئين الماليين بموريتانيا و النيجر و بوركينافاصو.
ومن جانبه، أوضح رئيس الدبلوماسية الروسية أنه يشاطر نظيره المغربي في جميع المقترحات التي قدمها بخصوص الوضعية في مالي، كما نوه بمواقف المغرب إزاء القضايا الدولية و الأمنية وفي حل الأزمات.
كما اكد بدوره على عدم وجود أية ضمانات لعدم عودة الفئات المتمردة إلى مالي، وخصوصا ان تهريب الأسلحة يتم عن طريق ليبيا.