جوار ليبيا تونس الجزائر السودان تشاد النيجر
أولا : معلومات حول الاجتماع
– يعد هذا الاجتماع المنعقد بمدينة الحمامات التونسية يومي 13 و14 يوليوز2014، الاجتماع الثالث لوزراء خارجية دول الجوار الليبي، بعد الاجتماع التشاوري الذي انعقد الثلاثاء 24 يونيو 2014 بمالابو، على هامش أشغال الدورة العادية الـ25 للمجلس التنفيذي للاتحاد الإفريقي، والاجتماع المنعقد بالجزائر يومي 27 و28 ماي 2014 على هامش المؤتمر الوزاري 17 لحركة عدم الانحياز.
– حضر أشغال هذا الاجتماع وزراء خارجية تونس والجزائر والسودان وتشاد والنيجر، كما حضرته داليتا محمد داليتا، المبعوث الخاص للاتحاد الإفريقي إلى ليبيا، وإسماعيل شرقي، مفوض السلم والأمن بالاتحاد الإفريقي، وناصر القدوة المبعوث الخاص لجامعة الدول العربية، فيما غاب وزير الخارجية الليبي، حيث مثل ليبيا القائم بأعمال سفارة ليبيا بتونس، ومثل مصر مساعد وزير الخارجية لشؤون دول الجوار.
– أقر اجتماع دول جوار ليبيا تشكيل فريقي عمل برئاسة وزير الخارجية التونسي، وبالتعاون مع المبعوثين الخاصين لجامعة الدول العربية والاتحاد الإفريقي إلى ليبيا:
- الفريق الأول أمني تتولى الجزائر تنسيق أشغاله، ويعنى بالمسائل الأمنية والعسكرية بما فيها مراقبة الحدود والمساعدة على بلورة تصور محدد لتجميع الأسلحة الثقيلة وفق منهج تدريجي.
- الفريق الثاني سياسي على مستوى كبار الموظفين، وتتولى مصر تنسيق أشغاله، ويعنى بالمسائل السياسية بما في ذلك الاتصال بالطبقة السياسية ومكونات المجتمع المدني في ليبيا.
ويرفع الفريقان تقاريرهما نهاية يوليوز إلى وزير الخارجية التونسي، الذي يقوم بدوره برفع تقرير شامل للاجتماع الوزاري القادم الذي ستستضيفه مصر خلال النصف الأول من شهر غشت 2014.
ثانيا : نتائج الاجتماع
– الدعوة إلى حوار وطني شامل يضم كافة الأطراف والفعاليات السياسية والوطنية للوصول إلى توافقات تضمن بناء الدولة ومؤسساتها والحفاظ على وحدة البلاد وسيادتها على كامل ترابها الوطني.
– استكمال صياغة مشروع الدستور وإشراك جميع القوى والمكونات السياسية للمجتمع الليبي في هذه العملية،
– معالجة المسائل المتعلقة بتحديد النظام السياسي المستقبلي لليبيا الحديثة، وضمان التوازن وتكافؤ الفرص من خلال الآليات الديمقراطية.
– جمع السلاح ومخزونات الذخيرة، إعادة إدماج المقاتلين، إعطاء الأولوية لبناء القدرات، خاصة في قطاع الأمن ومراقبة أمن الحدود.
– استعراض التحديات الأمنية والسياسية والاقتصادية التي تواجهها دول الجوار، والناجمة بالأساس عن تردي الأوضاع الأمنية في ليبيا وتفاقم ظاهرة الإرهاب والجريمة المنظمة وتهريب الأسلحة.
ثالثا: ملاحظات حول هذا الاجتماع:
– دعا الرئيس التونسي محمد المنصف المرزوقي في الجلسة الافتتاحية للاجتماع إلى إحداث قوات مشتركة بين ليبيا وجيرانها لتأمين الحدود بينها، كما أشار إلى أن كل المحاولات لمحاربة المجموعات المتطرفة في ليبيا خارج مؤسسات الدولة لم تزد إلا في تعقيد الأمور بخلق المزيد من الاحتقان والانفلات في الوضع الأمني.
– التأم اجتماع « دول جوار ليبيا » في ظل تناقضات بين الدول المشاركة بحكم تنافر الخلفيات السياسية والأهداف الإستراتيجية لكل منها، ونظرا لتزايد تعقيدات الوضع السياسي والأمني في ليبيا وتداعياته الخطيرة بسبب انتشار الأسلحة وتهريبها، وتصاعد نفوذ الجماعات المسلحة، بما فيها تلك التي تنشط في العراق وسوريا وفضاء الساحل والصحراء، ويتضح ذلك من خلال المواقف التالية:
- قادت تونس أكثر المبادرات الرسمية والشعبية لحل الأزمة الليبية، دون نجاح حتى الآن، وهي تسعى جاهدة بكل الوسائل والتحالفات إلى الحد من مخاطر الإرهاب وتسريب السلاح إلى أراضيها، علما بأن كل السلاح الذي استعمل في عمليات إرهابية في تونس مصدره ليبيا.
- تتخوف الجزائر من وجود آلاف الجهاديين على حدودها مع ليبيا، وهي لا تنظر بعين الرضى لمشهد سياسي ليبي يهيمن عليه الإسلاميون أو الثوار الذين لن ينسوا وقوف الجزائر مع نظام القذافي حتى اللحظات الأخيرة، كما أن استقرار ليبيا وتطورها لتصبح نموذجا في المنطقة لا يصب في مصلحة الجزائر.
- التقارب الذي ظهر مؤخرا بين مصر والجزائر مرده بالدرجة الأولى، إذا استثنينا العامل المالي، الملف الليبي، فكلا البلدان مرا بتجربة مريرة مع التيارات الإسلامية السياسية، وكلاهما يرغب في عدم نجاح هذا التيار في ليبيا، خاصة في ضوء المعلومات التي تفيد أن الليبراليين تقدموا على منافسيهم الإسلاميين خلال الانتخابات التشريعية الأخيرة في ليبيا، إضافة طبعا إلى تنسيق التعاون لمواجهة الوضع الأمني المتردي في ليبيا.
- أما دول جنوب ليبيا، كالتشاد والنيجر والسودان، فإن الاضطراب على الحدود ومخاطر تسريب السلاح مثلما حصل مع السودان، التي تشهد تمردا في إقليم دارفور، يجعل هدفها الأساس ينحصر في إيجاد صيغة لتأمين تلك الحدود الشاسعة مع ليبيا، كما أن دورها بقي ثانويا، والدليل على ذلك تقاسم الجزائر ومصر رئاسة فريقي العمل الأمني والسياسي الذين تمخضا عن لقاء تونس.
رابعا : التساؤلات التي يطرحها هذا الاجتماع
-هل بإمكان دول الجوار المباشر لليبيا التأثير جديا في الأوضاع المعقدة بليبيا، والذهاب في اتجاه بلورة حل سياسي؟
هل لدى دول الجوار المباشر لليبيا القدرة على الحد من مخاطر « الإرهاب » القادم من ليبيا ووضع حد لتهريب السلاح ؟
الوقائع والتحليل والتجربة تبين صعوبة تحقيق هذا الهدف للأسباب التالية:
- الأوضاع الداخلية في معظم بلدان جوار ليبيا وطبيعة العلاقة وتاريخها مع هذا البلد تقلل من أهمية النتائج التي يمكن أن يحققها اجتماع تونس، الذي لا يستبعد أن يبقى على شكل منتدى لتبادل المواقف في غياب آليات عملية وفي مستوى التحديات لمعالجة الوضع الليبي.
- إسناد مهمة متابعة المسائل الأمنية والعسكرية وأمن الحدود للجزائر التي لا تؤمن إلا بالمقاربة الأمنية والنهج الإقصائي، وقد سبق لهذه المقاربة أن أثبتت فشلها في مالي حينما اعتمدت صيغة « دول الميدان » les pays du champ، ولولا تدخل فرنسا آنذاك لوصلت الجماعات الإسلامية المتطرفة إلى وسط باماكو.
- إسناد مهمة التنسيق السياسي بين كل مكونات المشهد السياسي في ليبيا لمصر، علما بأن هذا البلد غير مؤهل للقيام بهذه المهمة نظرا لتاريخه مع ليبيا، إضافة إلى اتهام مصر من قبل بعض الأطراف الليبية بدعم قوات اللواء حفتر، وتصنيفها جماعة الإخوان المسلمين، كمنظمة إرهابية، في وقت يشكل هذا المكون عنصرا أساسيا في نجاح أي حوار وطني ليبي لوزنه السياسي المعتبر.
رابعا : المواجهات المسلحة بين الأطراف المحسوبة على التيار الإسلامي والأطراف الداعمة للتيار الليبرالي في كل من طرابلس وبنغازي ترمي إلى إعادة ترتيب الأوضاع لصالح جماعة الإخوان والتنظيمات والميليشيات الدائرة في فلكها، وتوجيه رسالة إلى وزراء خارجية دول الجوار الليبي، مفادها أنه لا يمكن استبعادهم أبدا، وأن النموذج الجزائري والمصري لن ينجح في ليبيا.
خامسا: المفهوم الجزائري لدول الميدان ودول الجوار
- صيغة (دول الجوار) إنتاج جزائري صرف تمكنت الجزائر من فرضه، عن طريق التحايل والمناورة، على هامش اجتماع دول عدم الانحياز في ماي الماضي بالجزائر واجتماع الاتحاد الافريقي في مالابو شهر يونيو الماضي .
- تسير صيغة « دول الجوار » في نفس سياق صيغة « دول الميدان » التي طرحتها الجزائر لمعالجة الأزمة في مالي دون نتيجة، وهما مقاربتان إقصائيتان، هدفهما استبعاد دول الجوار العربي والإفريقي والمتوسطي، المعنية بتداعيات الوضع في ليبيا.
- الجزائر لا يمكنها تقديم تفسير مقنع لاستبعاد دولتين مغاربيتين هما المغرب وموريتانيا، علما بأن الجزائر عملت على إفشال الاقتراح التونسي بمناقشة الملف الليبي داخل الأسرة المغاربية، وكان مستغربا إلغاء اجتماع تونس لوزراء خارجية المغرب العربي في شهر ماي الماضي بذريعة اعتذار وزير خارجية ليبيا بسبب الأوضاع في بلاده، في الوقت الذي لم يمنعه نفس العذر من المشاركة في اجتماع دول الجوار الذي رعته الجزائر.
- يطرح غياب وزير الخارجية الليبي ووزير خارجية مصر عن اجتماع تونس وعدم عرض ناصر القدوة لنتائج اللقاءات التي أجراها مع الفرقاء الليبيين، وموقف أغلبية دول الجامعة العربية المتحفظ على صيغة دول الجوار أكثر من تساؤل.
#Libya