المغرب، الاتحاد الاوروبي، الوضع المتقدم،
نظرا للأولوية و البعد الاستراتيجي الذي تحظى به علاقات المغرب مع الكيان الأوروبي ، و سعيا منه لتعزيز هذا التعاون البناء في إطار الوضع المتقدم و السياسة الأوروبية للجوار، بادر المغرب إلى مواصلة تفعيل أهداف هذه الشراكة، على أساس الحفاظ على المكتسبات و تعزيز التعاون في مجالات متعددة لاسيما السياسية.
وقد شكل المغرب، بفضل انخراطه الملتزم و الإرادي في مسار الإصلاحات المتعددة الأبعاد، نموذجا رائدا أضفى على السياسة الأوروبية الموجهة إلى الجيران مصداقية هي في أمس الحاجة إليها نظرا للظرفية الإقليمية المتأزمة. و يمكن إدراج ما تم انجازه خلال المرحلة الأخيرة حسب البعد المنوط به فيما يلي:
تعزيز الحوار السياسي:
في هذا المجال، عمدت هذه الوزارة إلى استغلال مختلف قنوات الحوار على جميع المستويات لتأكيد مساهمة المغرب بشكل فعال و ايجابي في جميع القضايا الراهنة على الساحة الدولية و مناقشة مجموعة من القضايا الثنائية و الإقليمية و الدولية،ذات الاهتمام المشترك، و على رأسها القضية الوطنية، بالإضافة للأوضاع السياسية في مجموعة من الدول المجاورة (العربية، الأفريقية و الأوروبية).
و في هذا الصدد، عقدت مجموعة من اللقاءات مع جملة من المسؤولين الأوروبيين، في مقدمتهم الممثلة السامية للاتحاد الأوروبي لشؤون السياسة الخارجية والأمن، و المفوض الأوروبي المكلف بسياسة الجوار الأوروبية، و نائبة الأمين العام لمجلس أوروبا، و منسق الاتحاد الأوروبي في مجال مكافحة الإرهاب و الممثل الخاص للاتحاد الأوروبي في الساحل والصحراء.
كم تم احترام الصبغة الدورية في التئام آليات التعاون و التشاور الثنائي و التي أفضت إلى تنظيم كل من اجتماع مجلس الشراكة المغربي الأوروبي بالإضافة للحوار السياسي المعمق بين الجانبين.
و في إطار التعاون الأمني، تبنى الجانب الأوروبي مجموعة من المبادرات التي دعا إليها المغرب، لاسيما اللقاء المزمع عقده في المغرب حول »المقاتلين الأجانب في سوريا »، و إعداد « خطة عمل للتعاون في مجال مكافحة الإرهاب ».
و من جهة أخرى، تابعت هذه الوزارة تعبأت الجهاز الدبلوماسي من أجل إحباط مناورات أعداء المغرب و وحدته الترابية داخل المؤسسات الأوروبية. كما كثفت جهودها، بتنسيق مع البرلمان المغربي، من أجل صد هجمات خصوم المغرب في كل من البرلمان الأوروبي و مجلس أوروبا، و كذا على مستوى المنتديات الإقليمية خصوصا خلال التحضير للقمة الرابعة للاتحاد الأوروبي وأفريقيا المنعقدة ببروكسيل، في 2-3 أبريل 2014.
وقد شكل التوقيع على بروتوكول اتفاق الصيد أحد أهم المحطات التي تم فيها، بفضل التنسيق بين المؤسستين التشريعية و التنفيذية، التصدي لمناورات المتحاملين، مع إضافة زخم جديد للعلاقات المغربية الأوروبية.
مواصلة الاندماج الاقتصادي المعمق عبر إقامة فضاء اقتصادي موحد
دأب الطرفان على تعزيز التعاون بهدف تحقيق مزيد من اندماج الاقتصاد المغربي في السوق الأوروبية. و في هذا الصدد، قامت اللجان القطاعية الثنائية بتفعيل « برنامج العمل لتفعيل الوضع المتقدم 2013-2017 » الذي تم اعتماده بشكل رسمي خلال دجنبر 2013 و الذي يغطي مجموعة من المجالات.
و في إطار التحضير لخلق فضاء اقتصادي مشترك بين المغرب والاتحاد الأوروبي، أطلق الطرفان مفاوضات جادة بشأن إبرام اتفاقية حول المؤشرات الجغرافية المتعلقة بالمواد الفلاحية و المواد الفلاحية المصنعة و كذا اتفاقية التبادل الحر الشامل والمعمق. هذه الاتفاقية الأخيرة من شأنها المساهمة في رفع الحواجز الغير جمركية لتمكين المنتجات المغربية من ولوج الأسواق الأوروبية، بالإضافة إلى تهيئة مناخ أعمال محفز يعين على جلب الاستثمارات الأوروبية.
أما بالنسبة للمشكل المتعلق بتصدير الفواكه و الخضر لأوروبا، الذي أثير بحدة خلال الأيام القليلة الماضية، و الذي شكل موضوع انشغال على المستوى الوطني، فقد ثم بتنسيق مع وزارة الفلاحة والصيد البحري، عقد مجموعة من المشاورات مع الطرف الأوروبي، و تعبأت الجهاز الدبلوماسي و تحسيس الشركاء على المستوى الثنائي، لإيجاد حل مناسب من شأنه حماية مصالح و مكتسبات الفلاحين و المصدرين المغاربة.
في سياق آخر، تمكن الطرفان من الاتفاق على منهجية موحدة من أجل الشروع في تنفيذ أحد الأوراش الضخمة المنصوص عليها في وثيقة الوضع المتقدم و التي تخص بالأساس إعداد برنامج وطني للتقارب التنظيمي بين القوانين المغربية و نظيراتها الأوروبية خلال سنة 2015. هذه المنهجية، بالنظر إلى حجم الترسانة القانونية التي يتوفر عليها الاتحاد الأوروبي، سيتم تبنيها وفق نسق تدريجي، يحترم أولويات و متطلبات المغرب، مع الأخذ بعين الاعتبار البرنامج التشريعي الحكومي و كذا مقتضيات الدستور الجديد.
تعزيز العلاقات ذات البعد الإنساني
سعيا منه في إعطاء دينامية جديدة لهذا الشق من العلاقات الثنائية، قام الطرفان، يوم 7 يونيو 2013، بالتوقيع على الإعلان السياسي المشترك الذي يؤسس لمرحلة جديدة للتعاون في مجال الهجرة وتدبير تنقل الأشخاص، عقدت على إثره جملة من القاءات لدراسة السبل و الآليات الضرورية للتنفيذ الأمثل والمتوازن لهذه الشراكة و تحقيق أهدافها الطموحة، وفق مقاربة شمولية تدمج الهجرة القانونية، والتنمية، والهجرة غير الشرعية واللجوء.
كما تم تحسيس الجانب الأوروبي بمدى أهمية و نجاعة و ضرورة دعم السياسة المغربية الجديدة في مجال الهجرة بكون كل من المغرب و الاتحاد الأوروبي يشكلان على السواء وجهتين نهائيتين للمهاجرين، حيث من المنتظر أن يقدم الاتحاد الأوروبي دعما ماليا مسبقا للمغرب يقدر ب 11 مليون أورو مخصصة لإدماج الأجانب و طالبي اللجوء الذين تمت تسوية وضعيتهم الإدارية و ذلك في مجالات التعليم و الصحة و التكوين المهني و كذا الأنشطة المدرة للدخل.
تعزيز العلاقات مع الاتحاد الأوروبي في مجالها الأورومتوسطي
يشكل البحر الأبيض المتوسط بالنسبة للمغرب فضاء استراتيجيا هاما للتعاون وتنمية الشراكة مع الإتحاد الأوروبي. وفي هذا الصدد, تقوم السياسة المتوسطية للمغرب على تحفيز و دعم أي مبادرة من شأنها تعزيز جسور التقارب بين بلدان البحر الأبيض المتوسط سواء على المستوى الحكومي، البرلماني أو المدني.
و من ضمن هاته المبادرات نذكر: تطوير مشاريع الإتحاد من أجل المتوسط وتقوية شبكات المجتمع المدني لمؤسسة « أنا ليند » بالإضافة إلى مختلف الاجتماعات الوزارية والندوات القطاعية المنعقدة في مجالات النقل، الصناعة، السياسات البحرية، الدفاع، السياحة، السمعي البصري، التعليم والبحث العلمي، وذلك في إطار منتديات الشراكة التي تهم الفضاء الأورومتوسطي و الأوروعربي، خاصة منها الاتحاد من أجل المتوسط وحوار غرب المتوسط 5+5 و كذا البرامج الإقليمية الأورومتوسطية,
و بالنظر إلى البعد الإستراتيجي الذي يتسم به الفضاء الأورومتوسطي، فقد احتضن المغرب عدد من اللقاءات و الأنشطة الاقليمية، كما يشغل المغرب العديد من المناصب الهامة، منها رئاسته لمؤسسة « أنا ليند » للمرة الثانية على التوالي منذ أكتوبر 2011 (السيد اندري ازولاي)، وإشرافه على الأمانة العامة للإتحاد من أجل المتوسط (السيد فتح الله السجلماسي)، وكذلك رئاسة مبادرة « 5 +5 دفاع » خلال سنة 2012 (إدارة الدفاع الوطني)، بالإضافة إلى توليه الرئاسة المشتركة لكل من الجمعية البرلمانية للإتحاد من اجل المتوسط (السيد كريم غلاب إلى غاية مارس 2012) والجمعية الإقليمية والمحلية الأورومتوسطية (السيد محمد بودرة إلى غاية غشت 2012).
كما تم العمل على تشجيع و مساندة مجموعة من المبادرات التي تصب في اتجاه الاندماج المغاربي و الشراكة العربية مع الجوار الأوربي من خلال عدد من المشاريع المهمة داخل حوار 5+5 و الاتحاد من أجل المتوسط كإتمام الطريق السيار المغاربي و تأسيس الجامعة الأورومتوسطية بمدينة فاس خدمة للاندماج الإقليمي و التعاون جنوب-جنوب داخل المحور المغاربي و العربي و المتوسطي.
و رغبة من بلدنا في تعزيز انخراطها في هذا التعاون الذي يلقى دعما متواصلا من طرف الإتحاد الأوروبي، فقد تسلم المغرب منذ ماي 2014 الرئاسة المشتركة لمنتدى حوار غرب المتوسط « 5+5 » للفترة الممتدة ما بين 2014 و 2016، حيث سيمكن بلادنا من لعب دور فعال في تمتين التعاون داخل هذا الإطار مع استضافة مجموعة من اللقاءات و الندوات على رأسها الاجتماع الثاني عشر لوزراء الخارجية لمنتدى 5+5 و الدورة السابعة عشر للمنتدى المتوسطي.
المغرب#