!!!!!!عفوا يا أصحاب الهمة

المغرب      فؤاد علي الهمة     محمد السادس  


بقلم : محمد ملوك

الملك يعين أكبر الرؤوس المطلوب رحيلها عن مراكز صناعة القرار بالمغرب مستشارا له ، إنه  » الهمة  » وما أدراك ماذا تعني هذه الكلمة في ساحة السياسة المغربية ، ولن ألطخ ذوق القراء في ذكر مساوئ الرجل ، فليست من عاداتي التعرض لمساوئ الناس إلا من أمرنا بالتعرض لهم بنص الشرع والقانون والعرف ، وحتما سينوب عني في هذا الأمر الشيخ google فعنده الخبر اليقين بنقرة بحث على ما أظن ، ولأن بعض الكتاكيت السياسيين الذين يميلون مع كل ريح غالبة نسوا ما كان لهم من همّ وهمة مع الهمة بالأمس القريب وسارعوا إلى مهاتفته وتهنئته ومغازلته بما للتغزل من دروب وفروع ، وتناسوا ما بين ليلة وضحاها خلافاتهم الجذرية مع الهمة وأصحابه وحروبهم الشرسة مع صولات وجولات إخوانه في حزبه حزب الأصالة والمعاصرة مذ تشكيل ” الحركة لكل الديموقراطيين ” وعمدوا إلى تلقف المثل القائل ” ما بعد العداوة إلا المحبة ” واستخدموه في غير موضعه بل وأرادوا ضحكا على الذقون واستحمارا لكل مناضل ومناضلة لما فسروا تعيين الملك لشخص الهمة في منصب حساس كهذا بأنه استجابة لمطالب الشارع ولكل السياسيين الذين رفعوا مطلب “الهمة ديكاج من المشهد السياسي” . لأجل ذلك وغيره وجب التعليق على ما اعتبره الكل أقوى صفعة لعبد الإله بنكيران وهو في الأيام الأولى لحكمه ، وأعتبره شخصيا استنساخا في غير محله لراحل إسمه إدريس البصري .

إنها لعمري ضربة موجعة لكل من آمن بأن المغرب يخطو بثبات لترسيخ قيم الديموقراطية الحقيقية ، ولأنها كذلك وجب التذكير بما قلناه غير ما مرة ، وبما كتبناه ذات مرة عن الهمة ، فمن يرقص لا يخفي وجهه ، والشمس لا يمكن إخفاؤها بغربال ، هكذا علمتنا الدنيا ، ودنيا السياسة في المغرب قاسية لا ترحم ، فالذي يريد أن يسوس المغاربة عليه أن يدرك أن شعب ” قولوا العام زين ” قد وعى واستوعب الدروس جيدا ، فلا الإنتخابات الصورية قد تحرك فيه ساكنا ، ولا الأحزاب التي وصلت إلى سن اليأس قد تبعث فيه أملا ، ولا الحركات البلهاء التي تولد في دقائق معدودات تدفعه للوثوق بالشعارات المرفوعة إلى عنان السماء، ولا العصي المكدسة في غياهب المخافر والدروب السلطوية تنفع معه إذا ما ثارت ثائرته وحاول حكم نفسه بنفسه كما تفعل باقي الشعوب العربية اليوم .

إنه مما وجب إدراكه بخصوص هذا الشعب أنه شعب بدأ يخرج من رحم الخوف والتخويف قويا ، ومن ظلمة الصمت ناطقا بقوة احتجاجية كبرى على الطغيان ، ومن جدران الظلم كاسرا ومكسرا للطوق المفروض عليه ، ومن ربق المخزن مؤمنا بأن الكرامة لا ينبغي أن تداس أطرافها بسياسة التجويع والتفقير والتركيع ، ومن حكمة الوقائع مقتنعا بأن له حق في الوطن الذي يعيش فيه ، وأن القبة ما لم تأتي له بدستور جديد ـ لا ممنوح ـ غير متحكم فيه عن بعد فستبقى بعيدة كل البعد عن تمثيله والنيابة عنه والنطق بحاله وأحواله ….

إنه يا سادة القرارات البعيدة عن رغبات الشعب شعب جديد يبحث عن همة حقيقية تقوده لتحقيق مطالبه وتسهر على أمنه وترعى مصالحه وتسعى للرقي به في شتى المجالات ، همة تؤسس لحكم عادل وقاسط بمنظومة قانونية متفق عليها ، همة توفر له الغذاء والكساء والدواء ، وتعينه على نوائب الدهر ، وتحميه من شر التقلبات السياسية والإقتصادية ، همة تنسى قربها من القصور ، وتبتعد عن سياسة الحرباء ، وتفني ذاتها في خدمة الشعب لا في خدمة صاحبها ومولاها .

فعفوا يا أصحاب الهمة الخاوية…

ما عاد هذا الشعب كما تظنون

وما عادت رياحه تجري بما تشتهيه سفنكم وأنفسكم .

المغرب      فؤاد علي الهمة     محمد السادس