خوسي لويس ثاباطيرو للحزب الإشتراكي العمالي الإسباني إسبانيـــا الصحراء الغربية المغرب
إاـى السيـد وزير الشؤون الخارجية والتعاون
الموضوع: لقاء مع رئيس الحكومة الإشتراكية الإسبانية السابقة بمقر مجلس الدولة بإسبانيـــا.
سلام تام بوجود مولانا الإمام.
صباح يوم الإثنين فاتح يوليوز الجاري استقبل السيد خوسي لويس ثاباطيرو محرر هذه الورقة الإخبارية بمقر مجلس الدولة بإسبانيا، تعبيرا عن عمق علاقة الصداقة المتينة بينهما، وذلك منذ حوالي عقدين.
وفي بداية هذا اللقاء ذكر السيد ثاباطيرو بمراحل مسؤولياته بدء بتحمله مسؤولية الكتابة العامة للحزب الإشتراكي العمالي الإسباني مابين 22 يوليوز من سنة 2000 و4 فبراير من سنة 2012، ومرورا بترؤسه للمعارضة الإشتراكية مابين 24 يوليوز 2000 و17 أبريل من سنة 2004، وانتهاء بترؤسه للحكومة الإشتراكية مابين 17 أبريل 2004 و21 دجنبر 2011، ثم التحاقه يوم 9 فبراير من سنة 2012 بمجلس الدولة بإسبانيا المنصوص عليه في الفصل 107 من الدستور الإسباني الحالي باعتباره أعلى جهاز استشاري للحكومة الإسبانية، والذي تعود أصوله إلى العصور الوسطى، حيث كان هذا الجهاز الدستوري حاضرا في فترة حكم الملوك الكاثوليكيين تحت إسمي مجلس أراغون ومجلس قشتالة وشكل أداة لكل الملوك الذين تناوبوا على الحكم في إسبانيا بهدف مناقشة السياسة الخارجية الملائمة للمملكة الإسبانيـة.
وقد شملت محادثات لقائنا ثلاثة محاور:
1-محور التحولات الديموقراطية بالمغرب:
حول هذا المحور أكد السيد خوسي لويس رودريغيث ثاباطيرو بالنص الكامل، « إنني أعتز بميولاتي وتعاطفي تجاه المغرب البلد الصديق الذي تربطه بنـا علاقات جد متينة، وفي هذا الإطار لابد من الإشادة بالشجاعة والجرأة التي تحلى بهما جلالة الملك محمد السادس حين تخطى الزوبعة الإحتجاجية العنيفة التي هزت كيان مصر وليبيا وتونس، نعم لقد تخطى جلالة الملك هذه الزوبعة من خلال اتخاذه لقرارات حكيمة ورصينة تجلت بالأساس في دعوة الشعب المغربي إلى التصويت على دستور جديد (دستور نونبر 2011) يستجيب لطموحات وآمال المغاربة، ومن نتائج هذه الخطوة الدستورية الجبارة التي توجت بتنظيم انتخابات تشريعية اعتبرها معظم الملاحظين السياسيين داخل وخارج المغرب أول انتخابات نزيهة كللت بفوز الإسلاميين المعتدلين، الذين تسلموا دفة الحكم في أول امتحان سياسي لهم بعدما شكلوا ائتلافا حكوميا، وهنا لابد أن أقول إن مجرد صعود الإسلاميين المعتدلين إلى الحكم في المغرب يعتبر قيمة مضافة أساسية في حصيلة التحولات الدستورية والديموقراطية التي حققها المغرب باعتبار أن جل الخبراء في الشؤون الإسلامية كانوا يعتقدون أن المسلمين المعتدلين المنتمين إلى حزب العدالة والتنمية ربما كانوا سينخرطون في موجة الإحتجاجات المعارضة التي قادها شباب 20 فبراير وإسلاميو العدل والإحسان وقت تنظيم الثورات الربيعية، لكن العكس هو الذي حصل حيث تعامل الإسلاميون المعتدلون مع هذه الموجة الثورية بالحيطة والحذر »، (انتهى كلام ثاباطيرو).
وعن سؤال حول سير الإئتلاف الحكومي في تدبير شؤون البلاد، أكدت له أن الإنسجام التام هو الميزة الأساسية التي طبعت عمل الإئتلاف الحكومي بقيادة حزب العدالة والتنمية منذ تشكيله بعد أول انتخابات تشريعية متمخضة عن دستور 2011، ثم قاطعني رئيس الحكومة الإشتراكية الإسبانية السابقة بسؤال آخر مفاده أن حزب الإستقلال قرر الإنسحاب من هذه الحكومة وتم استقبال الرئيس الجديد لهذا الحزب من قبل جلالة الملك، فكيف تفسر ذلك؟ .
جوابا عن هذا السؤال أكدت لرئيس الحكومة الإشتراكية الإسبانية السابقة ، أن السيد شباط » الزعيم » الجديد لحزب الإستقلال معروف جدا من قبل الرأي العام المغربي بسلوكاته الشعبوية وولعه بالإثارة، لكن رئيس الحكومة السيد بنكيران يتعامل مع هذه الظاهرة بمسؤولية استقطبت له التقدير حتى من خصومه. إذ يلاحظ أن حزب العدالة والتنمية مستعد لمواجهة كل خيار ناجم عن احتمال انسحاب حزب الإستقلال من الحكومة بحزم وثقة في النفس، بما في ذلك تنظيم انتخابات سابقة لأوانها والتي لايشك أحد في أنه أي (حزب العدالة والتنمية) قد يتصدر نتائجها وبالتالي سيتعين عليه تشكيل حكومة إئتلافية أخرى لأن القانون الإنتخابي المغربي الحالي لا يعطي الأغلبية المطلقة لأي حزب، وفي سياق حديثنا عن حزب العدالة والتنمية أكد لي السيد خوسي لويس ثاباطيرو أنه التقى مؤخراعددا من وزراء دول الإتحاد الأوروبي الذين تربطه بهم علاقة صداقة، وقد عبروا له كلهم عن إشادتهم بالتحولات الديموقراطية والدستورية التي يشهدها المغرب رغم محدوديتها على حد ماجاء في تصريح هؤلاء الوزراء.
وفي هذا الإطار، يقول السيد ثاباطيرو، يعتبر هؤلاء الوزراء أن وزير الخارجية والتعاون المغربي السيد العثماني وزير معروف ب « رصانته واتزانه » وأنه يحظى بتقدير خاص في الملتقيات الدولية التي يشارك فيها على حد ماجاء في كلام السيد ثاباطيرو.
2- المحور الثاني: الأوضاع في إسبانيا:
وبعد انتهائنا من الحديث عن الأوضاع في المغرب طلبت منه أن يدلي برأيه عن الأوضاع الحالية بإسبانيا، فكان رده كما يلي : » إسبانيا تجتاز أزمة مالية خانقة، بعضها في طريق الحل البطىء بفضل التعاون الأوروبي وبعضها الآخر سيتطلب وقتا طويلا، خاصة منها مايرتبط بالبطالة، ومن سوء حظ إسبانيا أن انفجـار الأزمة التـي تجتازها البلاد صادف انفجار أزمة الفساد التي لاتستثنى أية جهة إذ تشمل السياسييـن والبنكيين وأرباب العمل والنقابيين …، لكن حصة الأسد من ملفات الفساد كانت من نصيب الحزب الشعبي الحاكم بعد قرار القضاء مؤخرا باعتقال السيد لويس بارصيناص أمين مال الحزب الشعبي الحاكم.
ويمكنني أن أقول (وتذكر جيدا ما أقوله لك الآن) أن الحزب الشعبي الحاكم سيتضرر كثيرا من حملة الفساد هاته التي ستنعكس على نتائجه الإنتخابية التي ستفقده حتى الأغلبية النسبية، أما الحزب الإشتراكي العمالي الإسباني فسيحتفظ بالأصوات التي حصل عليها في الإنتخابات التشريعية الأخيرة، في حين ستوزع الأصوات الضائعة من الحزب الشعبي الحاكم بين اليسار الموحد (شيوعي) وحزب الوحدة والتقدم والديموقراطية، مع الإشارة، يقول السيد ثاباطيرو، إلى أن هذين الحزبين الصغيرين ينتعشان من أوضاع الأزمة لسلوكهما الشعبوي الصرف.
3- المحور الثالـث :
وفي نهاية لقائنا الهام هذا، وبعد أن علم السيد ثاباطيرو أنني أمارس مهامي الدبلوماسية بسفارة المملكة المغربية بمدريد منذ فاتح مارس 2010 تأسف جدا لعدم عقد لقاء بيننا قبل هذا اليوم، مشيرا إلى أنه لم يطلعه أي أحد من المسؤولين الإشتراكيين الإسبان الذين كنت ألتقي بهم بين الفينة والأخرى طيلة كل هذه المدة.
بعد ذلك أطلعته على بعض الأعمال التي قمت بإنجازها ضمن المهام المسندة إلي في السفارة المغربية، وفي مقدمة هذه المنجزات تأسيس « نادي أصدقاء المغرب » حيث سلمته ملفا كاملا يتضمن أسماء الأعضاء والجهاز التحضيري الذي أنهي قبل أيام وضع القانون الأساسي لهذا النادي ويقومون حاليا بالتشاور من أجل تحديد يوم لعقد الجمع التأسيسي والمصادقة على القانون الأساسي وبرنامج العمل وعلى أعضاء جهاز تسيير هذا النادي، وبعد قراءته لأهداف النادي هنأني السيد ثاباطيرو عن هذا المجهود وعبر لي عن إعجابه بالمشروع وبالأهداف المتوخاة منه، وقال لي بالنص الكامل:
« إن هذا النادي يضم شخصيات إسبانية مرموقة لها وزنها وقيمتها في دواليب الحكومة وفي أجهزة الدولة عموما، وأنا شخصيا، كرئيس حكومة سابق، أعبر لك عن قبولي الإنخراط في هذا النادي، لكن بعد استشارتي للأجهزة الحكومية المشرفة على وضعنا الإداري في مجلس الدولة هذا الذي نلتقي فيه اليوم، لأنني تعلمت دائما الإنضباط لقرارات وقوانين المؤسسات الدستورية، ومع ذلك يمكنك أن تعتبرني من الآن عضوا كامل العضوية ب « نادي أصدقاء المغرب » لأن الإستشارة التي سأقوم بها هي مجرد إجراء مؤسساتي لابد منه، ثم إن انخراطي في « نادي أصدقاء المغرب » لن يكون سوى قيمة مضافة لتعاطفي مع المغرب، فأنا برهنت عن حبي للمغرب وتأييدي لقضيته الوطنية: ملف الصحراء طيلة المدة التي تحملت فيها مسؤولية رئاسة الحكومة الإسبانية ».
وبعد حوالي ساعة ونصف من الحديث الأخوي الصادق حول كل القضايا والملفات، منها ماتمت الإشارة إليه سابقا ومنها مالا يسع التطرق إليه في هذه الورقة الإخبارية الإجمالية، بعد ذلك، أخذت لنا بعض الصور التذكارية وأكد لي السيد ثاباطيرو أنه سيجدد اللقاء بي لاحقا للتشاور معي حول ملفات أخرى تخدم العلاقات المغربية الإسبانية.
وتفضلوا بقبول فائق التقدير والإحترام.
بوغالب العطار