إفريقيا: تفاعلات الصراع وآفاق النهوض

إفريقيا , بؤر توتر مزمنة ومناطق صراع مستمر الأوضاع السياسية والأمنية في القارة الإفريقية

مؤتمر دولي ينظمه مركز الجزيرة للدراسات
2 – 3 نوفمبر/ تشرين الثاني 2013

الورقة التأطيرية
إفريقيا قارة التنوع والتعدد بامتياز؛ بعض الدول الإفريقية اعترفت بهذا التنوع والتعدد وتعاملت معه بالقبول وفهمته على أنه حقيقة هيكلية تميز المجتمعات الإفريقية ومن الأفضل تجاوزها حتى تستقر الدولة المركزية وتصبح المواطنة الصفة الجامعة لأفراد المجتمع. وفي الوقت نفسه ظلت أغلب الدول الإفريقية تتعامل مع التنوع والتعدد بحساسية وتحدث من وقت لآخر احتكاكات بين مختلف الهويات وهو أمر خلق بؤر توتر مزمنة ومناطق صراع مستمر.

توجد بإفريقيا الأديان السماوية الثلاثة إلى جانب المعتقدات المحلية والديانات الوثنية، وبإفريقيا كذلك أكثر من ألفي إثنية تتكلم ما يناهز ألف نظام لغوي ولهجي تشكل 33% من جملة اللغات الحية المتداولة في العالم، مع أن سكان إفريقيا يشكلون 10% من سكان المعمورة. وتتمايز إفريقيا إلى قسمين ثقافيين كبيرين: إفريقيا الشمالية وإفريقيا الواقعة جنوب الصحراء، كما تتمايز بحسب الدول الأنجلوفونية والدول الفرانكفونية والدول اللوزفونية (ناطقة باللغة البرتغالية). وحصلت بعد الحرب العالمية الثانية تسعة صراعات مات فيها أكثر من ألف شخص سنويا وكانت ثلاثة منها في إفريقيا، وفي نفس الفترة وقعت ثلاثة وثلاثون صراعا مات فيها ما يقارب ألف شخص سنويا وكانت 12 منها في إفريقيا.

أثرت هذه الانقسامات والتنوعات على الأوضاع السياسية والأمنية في القارة الإفريقية وظلت عوامل الصراع قوية في هذه القارة على حساب الاتجاه نحو التهدئة والعمل على إرساء تنمية مستدامة والسعي نحو خلق قارة متحدة.

تستعد القارة الإفريقية لتخليد الذكرى الخمسين لتأسيس منظمة الوحدة الإفريقية العام المقبل ويسعى زعماؤها لإعطائها صورة أكثر إيجابية لقارة طالما وصفت بالصراعات والحاجة إلى الحكم الرشيد والفقر والمرض. إن معظم هذه المشاكل ناتجة عن الصراعات المستعصية التي مزقت البلدان والمجتمعات ودمرت وسائل العيش وقضت على الطموحات.

في الواقع بدأت بعض التوجهات الإيجابية وبحضور قوي في العقدين الماضيين: فقد تحولت البلدان التي كانت رمزا للكوارث الإنسانية والمجاعة كإثيوبيا مثلا، أو كانت مهدا للفوضى وانهيار الدولة وسلطة القانون كأوغندا أو كلاهما على حد سواء وهو ما تمثله ليبريا والسيراليون، فأصبحت تساهم بشكل إيجابي في الجهود الإفريقية لإعادة البناء والأمل.
تمت تسوية بعض الصراعات في مناطق متفرقة كالموزمبيق وأنغولا وجنوب السودان وزمبابوي أو ساحل العاج بشكل كبير عن طريق تدخل مباشر من الاتحاد الإفريقي أو الهيئات الإقليمية في شبه المنطقة مثل: المجموعة الإنمائية لدولة جنوب القارة الإفريقية (SADC) أو المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا (ECOWAS)، أو الهيئة الحكومية الدولية المعنية بالجفاف والتنمية (IGADD)

في ظل الانفتاح الديمقراطي في جميع أنحاء القارة، قرر الاتحاد الإفريقي مبدئيا عدم الاعتراف بأي نظام انقلابي ضد حكومة منتخبة وفرض إجراءات خاصة ضده. كما شهدت القارة نموا اقتصاديا جعلها من أسرع المناطق نموا في العالم ووجهة مفضلة لاستثمارات جديدة.
مع ذلك لا تزال بعض جيوب الصراع العنيدة والمستعصية في أنحاء من القارة، وما زال الصراع القائم في الصومال من أكثر الكوارث في القارة استمرارية ويسبب قلقا على الرغم من إحراز تقدم ملحوظ نحو حله.

أما صراع دارفور فيمثل هو الأخر كارثة قارية كبرى وما زال يشكل تحديا كبيرا للجهود المبذولة لتسويته. ويأتي الصراع الجديد في شمال مالي، تلك الدولة التي كانت تعتبر منذ زمن بعيد نموذجا للديمقراطية في إفريقيا، ليفتح بؤرة توتر تتقاطع فيها الكثير من الأجندات الإقليمية والقارية والدولية. أما نيجيريا، الدولة الأكثر كثافة سكانية في القارة، فتعرف حالتها الأمنية قلقا متزايدا لنمو جماعة إسلامية غامضة تعرف ببوكو حرام.

إن الهدف من هذا المؤتمر هو دراسة التوجهات العامة التي تحكم الصراعات في إفريقيا. نتساءل هنا عما إذا كانت الصراعات تتصاعد أو تتلاشى في القارة، وما هي طبيعة الصراعات الجديدة وماهي أسبابها الرئيسية؟ أي نجاح تحقق لتسوية الصراعات وبفضل أي آليات؟ ماهي الدروس التي تعلمناها من الماضي وماذا عن آفاق المستقبل؟

إفريقيا , بؤر توتر مزمنة ومناطق صراع مستمر الأوضاع السياسية والأمنية في القارة الإفريقية