بعد أن عجز المخرج السوري الأميركي الراحل، مصطفى العقاد، عن إنتاج فيلم “الرسالة” في هوليود بسبب رفض المنتجين الأمريكيين تصوير فيلم لشخصية الرسول-صلى الله عليه وسلم- دون تجسيد دوره ماديًا ودون رؤيته، حاول إقناع بعض الحكام العرب بفكرته ، فوافق أمير الكويت صباح الصباح، وملك المغرب الحسن الثاني والعقيد معمّر القذافي، على تمويل النسختين، العربية والإنكليزية، كل واحد منهم تحت دوافع شخصية خاصة طبعًا.
العقاد وتفاديًا للرقابة القبلية سارع لإشراك الأزهر الشريف في كتابة الفيلم وإنتاجه، وتم تصحيح السيناريو الذي كتبه الهولندي هاري كريج، بدقة، من قبل علماء جامعة الأزهر، بالاشتراك مع كبار الكتّاب في ذلك الوقت، كتوفيق الحكيم.
الملك المغربي الحسن الثاني عندما أبدى موافقته على المشاركة في تمويل الفيلم كان يريد تلميع صورته الشخصية، و ليس صورة بلده،من خلال التذكير بأنه “أمير المؤمنين” و من سلالة النبي الأكرم و نسبه يعود إلى علي بن أبي طالب.
بدأ تصوير فيلم “الرسالة” في 16 أفبريل 1974 في قرية صغيرة بالمغرب، على بعد 15 كيلومتر عن مراكش. لكن و بعد أيام قليلة من إنطلاق التصوير، أصدر الحسن الثاني أوامره المفاجئة بتوقيف التصوير بعد ضغوطات من المملكة العربية السعودية التي بذلت جهداً كبيراً لعرقلة المشروع، بتأثير الوهابية التي كانت تسيطر على أذهان رجال الدين في السعودية، والتنافس أيضاً على “المرجعية الإسلامية” بين الأزهر والسعودية.
كان الحسن الثاني آنذاك في صراع مع الجزائر في عهد الراحل هواري بومدين، حول موضوع الصحراء الغربية، وكان في أمسّ الحاجة لدعم السعودية في ذلك للإستيلاء على الصحراء الغربية بعد انسحاب القوات الإسبانية منها بأوامر من فرانكو، فانصاع لأوامرها صاغرًا مذلولًا.
وهكذا تم توقيف تصوير فيلم “الرسالة” بالمغرب بسبب الصحراء الغربية و بسبب أطماع الحسن الثاني في الإستحواذ عليها، فضحى بفيلم “الرسالة” الذي يحكي قصة الإسلام والرسول الأكرم الذي يزعم الحسن الثاني وكل العلويين الذين يحكمون المغرب منذ 12 قرنًا بأنهم من نسبه الشريف من أجل الصحراء.و لم ينقذ فيلم “الرسالة” إلا العقيد الليبي الراحل معمر القذافي، حيث تم التصوير في الصحراء الليبية.
Dzair-Tube