على الصحراويين أن يتقبّلوا فكرة أن السياسة الخارجية هي آخر اهتمامات الإسبان وكذلك الطبقة السياسية، كما أن الأحزاب السياسية تخصص آخر الفقرات في برامجها الانتخابية للسياسة الخارجية من أجل ملء الفراغ لا غير، كي تظهر بمظهر أحزاب الدولة التي لها رأي ومشروع وبرنامج في كل المجالات. يُضاف إلى ذلك أن إسبانيا ليست دولةً فاعلة على الساحة السياسية الدولية على غرار فرنسا مثلاً التي لها مواقف من كل النزاعات، إذ تتخذ مدريد من سياسة النأي بالنفس كمحدد لسياستها الخارجية، والقضية الصحراوية هي قضية سياسية دولية تتطلب وضوحاً في المواقف وتحركاً دولياً.
وبما أن الحزبان التقليديان، الاشتراكي والشعبي، تبادلا على حكم البلاد منذ خروج الاستعمار الإسباني من الصحراء الغربية ومواقفهما واضحة في تأييد الاحتلال عموماً، خاصةً الحزب الاشتراكي الذي يواصل تنكره لمسؤوليات بلاده القانونية تجاه الشعب الصحراوي منذ حكومة، فليبي غونثاليث، إلى، بيدرو سانتشيث، الآن.
وعليه، فإن عملية تحليل سريعة لمواقف الأحزاب السياسية في اسبانيا والدعم السياسي والإنساني الذي تقدمه، تؤكد أن الأحزاب القومية الباسكية والكتلانية عموماً هي أبرز حليف يمكن المراهنة عليه. فإذا استثنينا حزب « متحدون من أجل كتالونيا » (JuntsXCat) الحاكم حالياً في الإقليم، فإن بقية الأحزاب بالإقليمين دعمها للقضية الصحراوية واضح ومستمر ومتعدد الجوانب. ففي مجلس النواب، قدمت هذه الأحزاب العديد من مشاريع القوانين لفائدة القضية الصحراوية، بما في ذلك قانون منح الجنسية الإسبانية للصحراويين، ناهيك عن بقية أشكال الدعم الإنساني والسياسي والقانوني على مستوى البرلمان الأوروبي الذي تقدمه الأحزاب الباسكية وحزب « اليسار الجمهوري الكتلاني » (ERC) على وجه الخصوص.
وعليه، فإنه يتوجب على الجبهة الشعبية تقوية تمثيلياتها بكل من بلاد الباسك وكتالونيا وتجديد أواصر الصداقة مع هذه الأحزاب وتعيين خيرة الدبلوماسيين وأكثرهم كفاءة في هذين الإقليمين، لأن الأحزاب القومية اليوم أصبحت كتلة كبيرة داخل البرلمان الإسباني بحصولها على 35 مقعداً، وهو ما يعني أنها قادرة على مقايضة ما مع الحزب الاشتراكي لصالح القضية الصحراوية.
لكن نعيد ونكرر أن الرهان الأول للصحراويين يجب أن يظل أنفسهم قبل أي جهة خارجية، فإذا عجزنا عن فرض إرادتنا؛ لن يتمكن الآخرون من فرضها نيابةً عنا.
Soyez le premier à commenter