الوطنية للفقراء والكرمومة للشيخات!

أحد الأصدقاء طلب مني كتابة قصص قصيرة أجدى من النفخ في قربة مثقوبة (كما يقول المصريون) لأن واقعنا يأبى إلا أن يزداد سوء بعد سوء.

سأستجيب للصديق و أحكي قصة قصيرة مؤلمة.

حكاية 30 ألف شهيد، 2400 أسير عسكري ومدني، وحوالي 700 مفقود صدقوا يوما نداء الوطن و طاروا للدفاع عن رماله.

قضت محكمة لاهاي بوجود روابط بيعة بين الصحراء و المغرب، لكن ذات المنتظم الدولي لا يزال يعتبر البوليساريو الممثل الشرعي الوحيد للصحراويين، واضعا الصحراء في خانة تصفية الاستعمار إلى جانب كالدونيا الجديدة، التي اختار سكانها قبل سنة البقاء تحت سيادة فرنسا بعد استفتاء تقرير مصير.

بين البيعة أو الاستقلال ضاعت أرواح عشرات الآلاف و ضُيعت حقوق مئات الآلاف و ذهبت خيرات الصحراء لمن لا يستحق.

تماما كوعد بلفور، أعطا من لا يملك من لا يستحق، و سحق الشعب في المنتصف كما كان الدأب. أمهات و زوجات يخرجن كل مناسبة بدموع يستجدين سنتيمات من دولة أدارت ظهرها لمن حارب كي تكافئ من خان. دولة تستجدي دعم الخارج بديلا عن شرعية الداخل.

أجمل بلدان العالم قد يكون البلد الوحيد الذي ترتفع فيه أسهمك كلما أعلنت تمردك (خرجتي عينيك) ، و تُركل كلما جددت بيعتك و ولاءك للوطن. كامونيون نحن حكومة و شعبا و دولة، أليس كذلك، بل هو كذلك!

30 ألفا شاب سُحقت عظامهم ب »الأورغن ستالين » و « الكلاشينكوف » و سام 6 حين كان قادتهم يحتسون ما لذ من مشروبات الطاقة و الروح، بعيدا عن خطوط النار بآلاف الكيلومترات.

قاتلوا مؤمنين أنهم يحاربون لأجل وطن يعطيهم 800 و 900 درهم، لتستقر الأوضاع و يرجع الخونة ظافرين بالمناصب، يستثمرون في مناطق (الداخيل)…حتى إن انقلبت الآية و (فار التنور) و حكم الانفصاليون، وجدوا أنفسهم في سلام و أمان: استثمار في الشمال، جنسية إسبان و رقم حساب يتكفل بملئه أجمل الأوطان.

في أمريكا، قاتل جون ماكين في فيتنام و سُجن ست سنوات، لكن بعد العودة تبؤ مناصب في الكونغرس و وصل أرقى الوظائف حتى نافس في انتخابات الرئاسة مرتين متتاليتين.

في المغرب، حارب طيار و جندي و ضابط مدفعية… أُسقطت طائرات و حرقت دبابات ليظل أبناء الشعب أسرى 30 سنة إلى أن شعرت البوليساريو بثقل الحمل، فعاد الجمع (2400) يقبلون تراب الوطن، قبل أن يذوقوا هراوته أمام برلمان (النوام) مطالبين بتغطية صحية ب جوج دريال…

لا ضير في استدعاء الشيخة الجرافة صاحب أكبر مؤخرة للاحتفال بحدث كبير كالمسيرة الخضراء…مقابل الملايين المملينة، فالكبير لا يناسبه سوى الكبير…كما يعتقد المنتخبون و رجال السلطة.

أما المواطن، من قاتل و قُتل فله الفُتات، سيارة إسعاف هبة من الجهة، كيس دقيق و كيلو « لحمة » كي يستمر في « ملئ الفراغ »…

مليارات فريق « عرب افريقيا » ضد « شُراف العالم » كانت لتوفر لمستشفى الحسن بن المهدي أجهزة و أطباء يكفلون كرامة المواطنين، فلا يفترشون تراب المستعجلات ك »الكلاب »…و الوصف للبيان لا للمقارنة…فكرامة المواطن (على راسنا و عينينا).

كانت مليارات الشيخات و البلطجية (العرص محمد رمضان) لتوفر لمستشفى « الحسن الثاني التخصصي » أجهزة سكانير تتعطل بالثلاثة أسابيع فتقي المساكين حر الخضوع لاستشارات العيادات (يشتغل بها نفس أطباء الحسن الثاني سوايع إضافية في أكبر تجارة في البشر)…

حينها، وفقط، سيخرج المواطنين هاتفين بالوطن حاملين أعلامه، دون الحاجة لكسوة أبناء الداخيل بملاحيف الصحراء، رشوة الأعيان، إغراء المسئولين ب (تريبل صولد ماشي غير الدوبل) أو زيادة الشحمة في مؤخرة الشيخات.
للقصة بقية.

أيوب رضواني

Soyez le premier à commenter

Laisser un commentaire

Votre adresse de messagerie ne sera pas publiée.


*