جاسوس اسباني سابق يروي تفاصيل اختراقه لأذرع المخابرات المغربية بإسبانيا وصفوف الإسلاميين.. ويؤكد ان الأموال كانت تصل المساجد في البلد من منطقة الخليج
Admin
مدريد – “رأي اليوم” – البشير محمد لحسن:
صدر في اسبانيا قبل يومين كتاب لأحد أكثر جواسيس جهاز الاستخبارات الإسباني خبرةً في مواضيع مكافحة الإرهاب والهجرة ورصد وتتبّع الجالية الإسلامية وكذا العلاقات الاستخبارية التي تجمع المخابرات الاسبانية بنظيرتها المغربية. ويحمل الكتاب عنوان “العنصر المكتوم: مذكرات جاسوس مدسوس من طرف المخابرات الاسبانية”.
وحسب تقديم الكتاب، الذي كتبه الصحافي الإسباني الخبير في الشؤون المغربية، إغناسيو سيمبريرو، فإن صاحب الكتاب، الذي لم يكشف عن هويته، هو المُنتسب الثالث لجهاز المخابرات الذي يجرؤ على كتابة مذكراته طيلة تاريخ عمل جهاز الاستخبارات بإسبانيا. وللبقاء في الخفاء، لم يكتفِ عون المخابرات بعدم الكشف عن هويته، بل تعمّد تغيير بعض التواريخ والأمكنة التي جرت فيها بعض العمليات الاستخبارية التي شارك فيها مخافة أن يتم تحديد هويته.
وفي تفاصيل الكتاب يروي الكاتب كيف نجح في الاندساس وسط المتدينين الإسلاميين بتقديم نفسه على أنه مُعتنق حديث للإسلام، وهو الأمر الذي “لو تم في ديانة أخرى كاليهودية مثلاً لكان قد لفت الانتباه وتم كُشف أمره، لكن المسلمين يستقبلون بالأحضان المفتوحة كل الداخلين في دينهم، بل ويقدمونهم على سواهم من المسلمين”، يكتب الجاسوس في مذكراته. ويذكر الصحفي الذي قدًّم الكتاب في وصف الجاسوس بأنه، رغم حداثة عهده بالإسلام إلا أنه كان يعرف عن الإسلام أكثر مما يعرف بعضاُ ممن ولدوا مسلمين. وتأتي في طيات الكتاب، بالإضافة إلى يوميات الجاسوس، سرد لواقع الإسلام والمسلمين بإسبانيا اليوم.
وقبل اختراق صفوف المتدينين المسلمين، سبق للجاسوس أن عَمِلَ مجنداً للتجسس على أنصار اليسار المتطرف بإحدى المدن الإسبانية التي فضّل عدم ذكرها في الكتاب. وفي ذات المدينة ربط الشاب حينها أول اتصالاته بالمركز العالي للمعلومات الدفاعية، الذي أصبح اليوم يُعرف بالمركز الوطني للمخابرات CNI. وفي آخر مراحل عمله مع الاستخبارات الاسبانية، تمكّن من اختراق أذرع المخابرات المغربية باسبانيا، وهي خطوة لم يسبق لغيره الحديث عنها علناً باعتبار أنه موضوع حساس يتفاداه حتى السياسيين. وينقل الكاتب أن الجاسوس الإسباني يعرض تفاصيل عمل المخابرات المغربية على التراب الاسباني بشكلٍ دقيقٍ ومفصل.
وحول علاقة الرباط بشركائها الأوروبيين في مجال تبادل المعلومات في ملف الإرهاب وغيره، يقول الكاتب أنه تعاون مدفوع الأجر. ويضيف: “التعاون المغربي في مجال مكافحة الارهاب، الهجرة غير الشرعية وبدرجة أقل تهريب المخدرات، باعتبار أن المغرب هو المنتج والمصدر الأول للمخدرات في العالم، هي وسائل يستعملها المخزن، وتحديداً محيط الملك، من أجل طلب المقابل من اسبانيا، فرنسا والاتحاد الأوروبي عموماً”. ويكشف الجاسوس الاسباني أن الإعلانات المتكررة من طرف السلطات الأمنية المغربية عن تفكيك خلايا إرهابية أنها “في الحقيقة هي تكتيك هدفه إبقاء الأوروبيين على تعاونهم ومنحهم المالية مقابل توفير المغرب لمعلومات”.
وبعيداً عن خطابات السياسيين الذين ما فتئوا يؤكدون على أهمية تعاون المغرب الاستخباري مع اسبانيا، فإن الواقع على الميدان يختلف عن ذلك، يضيف الكاتب. فالمخابرات المغربية أو “لادجيد” رفقة وزارة الأوقاف والشؤون الدينية المغربية بقدر ما يحاولان وقاية المغاربة في أوروبا من خطر التطرف فإنهما “يسعيان من وراء ذلك إلى السيطرة على الجالية الإسلامية وخاصة المغربية عن طريق الدين، وبذلك يتمكّن المغرب من التأثير عليها وتجنيدها ليس فقط لخدمة مصالح الرباط بل للضغط أيضاً على البلدان التي تقيم فيها تلك الجالية”. ويرى الكاتب أن التدخل المغربي الكبير في إدارة شؤون الجالية الدينية، ساهم في تقييد حرية مسلمي أوروبا الذين يرغبون في ممارسة شعائرهم بطريقة قد تختلف عن الطريقة الرسمية المغربية. هذا، مع التأكيد على أن المذهب المنتشر في المغرب هو المالكية التي تبقى بعيدة عن الوهابية، يضيف الكاتب، المصدرة من المملكة العربية السعودية. ويذكر الكاتب أن أولويات المخابرات المغربية في اسبانيا وأوروبا عموماً تتجاوز مراقبة خلايا المتدينين إلى رصد كل تحركات المتضامنين الإسبان مع القضية الصحراوية وجبهة البوليساريو وكذا كل تحركات نشطاء حراك الريف.
ويؤكد الجاسوس في كتابه أن الأموال كانت تصل المساجد في اسبانيا من منطقة الخليج عن طريق بعض الحجاج سواء في حقائب معبأة بالأوراق النقدية أو في جوارب وجيوب بعض الحجاج. ويتساءل الصحفي الذي قدّم الكتاب ما إذا كان الجاسوس قد حصل على موافقة مسبقة من جهاز الاستخبارات الاسباني قبل نشر الكتاب أم أنه فعل ذلك عن محض ادراته. ويطرح الصحفي فرضية أن يكون الجهاز قد منح موافقته من أجل تلميع صورته لدى الإسبان، خاصة بعد فشله الذريع في اكتشاف بعض العمليات في كتالونيا تحديداً مثل الخلية التي نفذت اعتداء 17 اغسسطس سنة 2017 والتي نجح اعضاؤها في الافلات من رقابة اجهزة المخابرات الاسبانية والمغربية، أو للتغطية على فشل الجهاز في تحديد أماكن صناديق الاقتراع التي استخدمها الاستقلاليون الكتلان إبان استفتاء الفاتح من أكتوبر 2017 أو حتى عملية فرار زعيم الاستقلاليين ورئيس إقليم كتالونيا، كارلاس بوجديمونت، إلى بلجيكا رفقة بعض وزرائه والتي عجز جهاز المخابرات عن رصدها أو توقّع حدوثها.